يقول أحد الإخوة من قرى الجزائر
انت في الصفحة 2 من صفحتين
الرقة واللطف والأدب !!
وفي الليلة السابعة لما وضعوا الطعام على المائدة وتحلقوا للعشاء امتنعت عن الطعام وبقيت صامتا لا أتكلم ..
قال لي الشاب كل يا عم كل ما ألم بك !
قلت وبصوت مرتفع ونبرة حادة والله لن أذوق لكم طعاما إلا إذا أخبرتموني من أنتم ومن تكونون
أنت تخدمني طوال أسبوع كامل ومن قبل بالمستشفي وأنا لا أعرفك.. تخدمني وتبالغ في إكرامي وكانك تعرفني او احد اقاربك وأنا لم ألتق بك من قبل سوى مرة واحدة في المستشفى
قال يا عم كل هيا كل وبعد العشاء أخبرك..
قلت والله لن تدخل فمي لقمة واحدة ولن آكل طعامك إن لم تخبرني من أنت ومن تكون
حاول الرجل التهرب من الجواب لكنه وأمام إصراري.. أطرق برأسه قليلا.. ثم قال بنبرة خاڤتة يا عمى إن كنت تذكر فأنا ذاك الطفل الذي أعطيته خمسة دنانير سنة 1964 عندما كنت أجلس خلفك في الحافلة
قلت له آه تذكرت أنت إبن فلان رحمةالله عليه من قريتنا ..
نعم نعم لقد تذكرت ..
يومها كنت في الحافلة متجها من قريتنا الريفية إلى إحدى المدن القريبة وكان يجلس خلفي صبيان عمرهما لا يتجاوز على ما يبدو الخمسةعشرةعاما سمعت أحدهما يحدث الآخر قائلا له هذا العام شحت السماء والخريف يوشك أن ينصرف والأرض لا تنبت شيئا وأبي فلاح فقير ليس بيده ما ينفقه علي ولذلك فأنا مضطر لترك الدراسة هذا العام!! لعدم استطاعت ابي علي مصاريف الدراسة.
وعلى الفور أخرجت من جيبي خمسة دنانير وأعطيتها للصبي وقلت له خذ هذه الدنانير والمبلغ آنذاك كبيرا وكان يفي لشراء الأدوات المدرسية كلها..
رفض الصبي أخذ الدنانير فقلت له ولماذا يا ولدي! قال ربما يظن أبي أني سرقتها قلت قل له فلان بن فلان أعطاني إياها لشراء الأدوات المدرسية فإن أباك يعرفني تمام المعرفة..
ونسيت من يومها هذا الموقف مع ذاك الصبي.
قال الشاب أنا يا عم ذلك الصبي ولولا تلك الدنانير الزهيدة لما أصبحت اليوم بروفيسورا في أكبر مستشفى بالجزائر..
وها قد التقينا بعد أن من الله علي بأعلى المراتب في أنبل وأشرف المهن فقد افترقنا سنة 1964 وها نحن نلتقي سنة 1994 بعد 30 سنة بالتمام والكمال!!
يا عم الدنانير الخمسة التي أعطيتها لي صنعت مني استاذا في الطب..
يا عم والله لو أعطاني أحد كنوز الدنيا لما فرحت بها الآن كفرحي يومها بتلك الدنانير الزهيدة.
يا عم أفضالك علي كبيرة والله مهما فعلت فلن أرد لك الجميل.
فأسأل الله أن
يجازيك خير الجزاء في الدنيا والأجر الكبير في الآخرة.
صنائع المعروف تقي مصارع السوء ..
وكما تدين تدان .. وكل ساق سيسقى بما سقى يوما
هذه القصة اثرت بقلبي وابكتني عندما تذكرت كم طفل في بلادنا ولااقول بلدي المنطقة اجمع يعاني من ذلك الفقر المطقع والحاجة
كم ام تتقطع على ولدها ولاتملك ان تقدم
كم اب لايستطيع ان يجاري غلاء الارض كم وكم وكم ...
هل تعلمون لمذا بكيت واجهشت بالبكاء
لان الداء شخص
والدواء بأيدلنا
فقط احسنوا ان توصلوا الخير برفق وخير.
تمت