في قديم الزمان ويالف العصر والاوان عاش في البصره تاجر توابل اسمه حبيب وكان له دكان صغير في السوق
يتمالك نفسه وصاح ويحك ألم أحذرك من الإقتراب من أولئك القوم أجابته هذا الفتى مختلف ويحبني وأريدك أن تراه وأنا أقبل بما تقوله!!! فكر قليلا ثم أومأ برأسه موافقا فعانقت الحورية أباها وفي الغد جاء حبيب مع بلال في الزورق كعادتهما فوجدا ملك البحر في إنتظارهما مع الحرس والحاشية فسلم عليه وأخبره بقصته وأنه يريد خطبة أميمة لنفسه ونرجسة لبلال فسأله وأين تنوي العيش يا بني أجابه في البصرة لكن سأرحل في البحار للتجارة وسآتي دائما إلى هنا مع إبنتك وسيكون لنا دار في الجزيرة !!!
أجاب ملك البحر إسمع سأقبل فقط لو عشت هنا هذا قراري ولن أتراجع عنه!!! ثم غطس في الماء وبقيت أميمة ودمعتها على خدها فلقد وعدت أباها بأن ترضى بما يقوله .أما حبيب فلم يقبل أن يعيش هناك ويتنازل عن حلمه في السفر والتجارة وبعد أيام تزوجت نرجسة وبنى لها بلال كوخا جميلا على شاطئ البحر وفرشه بالزرابي وجلود الحيوانات واشترى بثمن البضاعة زورقا شراعيا ليصيد فيه السمك ويركب فيه مع الحورية والناس في تلك الجزيرة بسطاء ويعيشون ليستمتعوا بحياتهم والمال ليس له قيمة عندهم. كانت أميمة حزينة ولم تكلم حبيب ووعدها أبوها أن يجد لها زوجا أفضل منه فما هو إلا أناني كبقية التجار الغرباء وكلما يعنيهم هو الربح
مرت عشرة أيام إشترى خلالها عبد الصمد بضائع مختلفة من صندل وأبنوس وعطور وعاج وجاء تجار آخرون فاكتروا مكانا في المركب وبعد شهر وصلوا البصرة فالتقى حبيب بامه التي فرحت برجوعه وملأ الدكان بما حمله من توابل الهند وراجت تجارته وصارت له ثلاثة دكاكين في السوق وغير داره وسكن في حي راقي لكي لا يراه أحد من أهل حارته الذين عرفوه وقت فقره وصار يتهرب حتى من الشيخ عبد الصمد ...
لكن الشيئ الوحيد الذي لم ينساه هي أميمة وفي بعض الأحيان لما يختلي بنفسه يبكي كلما يتذكر ضحكتها العذبة كانت أمه تعرف ما يحس به من ألم وقالت له سأخطب لك فتاة جميلة من معارفي وستنسى تلك الحورية لكن لما حضرت تلك الفتاة لم يجد فيها ما يعجب فهي كبقية البنات لا يهمها سوى ما سيأتيها به من حرير وحلي ..